أكاذيب المسكونيّة، وحقيقة الأرثوذكسيّة – جزء 3

الأقباط والسريان: خلاف لفظي أم انحراف عقائدي؟

الفئة:مسكونيات

أكاذيب المسكونيّة، وحقيقة الأرثوذكسيّة – جزء 3

الأقباط والسريان: خلاف لفظي أم انحراف عقائدي؟

إعداد: روني سعيد

(صورة الغلاف هي أيقونة المجمع المسكوني الرابع الذي حكم على أوطيخا وديوسقوروس وسائر المونوفيزيتيّين [واحدي الطبيعة])


الأكذوبة المسكونيّة الثالثة: انشقاق اللاخلقيدونيّين (كالأقباط والسريان) سببه سوء فهم لغوي ولفظي وليس الهرطقة المونوفيزيّة.

يمكن القول إنَّ هذه الأكذوبة المسكونيّة هي الأكثر نجاحًا في التأثير على عقول الأرثوذكسيّين؛ بل هي المفتاح الأوليّ لإدخال المسكونيّة رويدًا رويدًا إلى نفوسهم وقلوبهم. والسبب في ذلك هو سهولة الإقناع بها، نظرًا لأنَّ الهرطقة المونوفيزيّة، تختبئ خلف المصطلحات المنمّقة والمفاهيم الملتَبَسة، وفي المقابل تحوي في طيّاتها ما يهدم كامل حقيقة التجسّد والخلاص، على مثال السمّ القاتل الممزوج بالعسل اللذيذ.

وتتمثّل أطروحة المسكونيّين في فكرتَيْن رئيسيَّتَيْن: الأولى هي أنَّ الأقباط والسريان ليسوا مونوفيزيّين، لأنّهم لا يتبعون تعليم أوطيخا الذي يُنسبُ له ابتداع المونوفيزيّة، والذي حرمه المجمع المسكوني الرابع (خلقيدونيا 451)، وبالتالي لا مانع من الاتّحاد معهم؛ والثانية هي أنَّ التباين العقائدي مع اللاخلقيدونيّين، هو مجرد اختلاف ظاهري "بسبب مجرّد سوء تفاهم لغوي بين أقوام كانوا لا يستعملون نفس المفردات ليشيروا إلى حقائق روحيّة واحدة"1. فمدرسة الإسكندريّة التي تبعها الأقباط اللاخلقيدونيّون كانت تستعمل مصطلح طبيعة بمعنى أقنوم، في حين أن مدرسة أنطاكيا استعملت مصطلح طبيعة بمعنى جوهر (كالقول إنَّ جميع البشر يشتركون في الجوهر الإنساني الواحد) وأقنوم بمعنى شخص (مثل القول بأنَّ بطرس شخص متمايز عن بولس وعن يعقوب).

 

الحقيقة الأرثوذكسيّة المضادة: انشقاق اللاخلقيدونيّين سببه انحراف عقائدي (مونوفيزيّ) وارتداد عن الإيمان "المسلّم مرة للقديسين" (يهوذا 1: 3).

  1. الصراع لم يكن بين مدرستَيْن فلسفيَّتَيْن، بل بين المستنيرين بالروح القدس، والمخدوعين بالهرطقة المونوفيزيّة:

ثمّة تعسّفٌ كبير في الربط بين مدرسة الإسكندريّة واللاخلقيدونيّين، فالهرطقة المونوفيزيّة في الأساس لم تكن ذات منشأ إسكندري بل اخترعها رئيس دير كبير في القسطنطنيّة يُدعى أوطيخا2، ولم يتبنّاها معظم الإسكندريّين إلا لأنَّ أسقفهم المعانِد ديوسقوروس أيّدها وروّج لها، فعقد مجمعًا لصوصيًّا في أفسس (449) دافع فيه عن أوطيخا "فأطلق (ديوسقوروس) عليه أنّه أرثوذكسي جدًا"3.

وما يُسمّى مجازيًّا مدرسة الإسكندريّة، ليس إلا توجّهات فكريّة مختلفة ومتباينة، إذ لم يكن هناك مدرسة بالمعنى الأكاديمي والحقيقي للكلمة؛ ففي تلك المدينة الكبيرة، كان هناك الفيلسوف الوثني، والفيلسوف المسيحي الذي يعمل على التوفيق بين الفلسفة الأفلوطينيّة واللاهوت المسيحي – وهؤلاء رفضت الكنيسة الكثير من تعاليمهم بل اعتبرت معظمهم هراطقة، كما أنَّ هناك القديس المستنير ذهنُه، الذي يتكلّم في اللاهوت انطلاقًا من معاينته لله وخبرته الروحيّة.

وما ينطبق على الإسكندريّة ينطبق على أنطاكيا وسائر المدن الكبرى في أرجاء الامبراطوريّة الروميّة كالقسطنطنية وروما وغيرهما، حيث وُجد مؤيّدون للمونوفيزيّة، ومعارضون لها. ولم يكن هناك من يعتبر أنَّ المسألة لفظيّة ثقافيّة تخصّ مدرسة الإسكندريّة. والحقيقة أنَّ أبرز الذين دافعوا عن الهرطقة المونوفيزيّة، وتركوا لنا مؤلّفات كبيرة ذات قيمة، هم أنطاكيّون وليسوا اسكندريّين، أعني بهم: ساويرس الأنطاكي، وفيلكسينوس المنبجي.

  1. فكرة الخلاف "اللفظي" ساذجة وسطحيّة:

كيف عرف المسكونيّون يا ترى أنَّ الآباء القديسين والهراطقة كليهما، كانوا أغبياء يتناقشون ويعظون ويؤلّفون الكتب، من أجل مجرّد سوء فهم لساني. على أيَّ أساس يزعم هؤلاء بكلّ ثقة أنَّ الآباء القديسين أساؤوا فهم الآخرين، وحرموهم كهراطقة، فقط لأنّ كلمة "طبيعة" عندهم كان تعني غير ما تعنيه عند خصومهم؟

يستند المسكونيّون في الواقع، على دراسات بعض "علماء الآبائيّات"، لا سيّما دراسات الأب الكاثوليكي البلجيكي جوزيف ليبون 4Lebon، الذي كرّس حياته لدراسة "الخريستولوجية المونوفيزيّة" لأحد أهم المونوفيزيّين وهو ساويرس الأنطاكي، من دون أن يدرس كيف ردَّ عليه بحزمٍ الآباء القديسون. ثم درس ليبون خريستولوجيّة القديس كيرلس الإسكندري بناءً على تفسير ساويرس الملتوي لها5، وليس كما فهمها الآباء.

هكذا، خَلُصَ ليبون إلى أنَّ الخلاف بين الآباء القديسين الذي كرّسوا حياتهم للدفاع عن إيمان مجمع خلقيدونية، وبين الهراطقة الذين كرّسوا بدورهم حياتهم لمحاربته، هو خلافٌ لفظيّ. وعلى الرغم من تناقض أطروحة ليبون مع عددٍ كبير من علماء الآبائيّات6، إلا أنَّ المسكونيّين يأخذونها مثل حقيقةٍ موحى بها، فها هو متبروبوليت سويسرا "الأرثوذكسي" دمسكينوس باباندريو – أحد صقور المسكونيّة – يقول: "بقي ديوسقوروس وسفيروس وفيَّيْن لتعليم القديس كيرلّس الخريستولوجي"؛ "وقد أُدينا لا لأنّهما سقطا في الهرطقة المونوفيزيّة بل لأنّهما لم يقبلا المجمع المسكوني الرابع"7.

كيف افترض المسكونيّون أنَّ الآباء القديسين لم يكونوا واعين ويقظين لمسألة التشابه الطبيعي في اللفظ والاختلاف في المعنى؟ ألم يقرأوا القديس باسيليوس الكبير القائل: "لذلك وأنا على وعي من أنَّ الصراع الذي يدور حول الكلمات الصغيرة هو صراعٌ كبير، أترجّى أن أفوز بالجائزة (الملكوت)، وهو ما يجعلني لا أتجنّب التعب، معتقدًا أنَّ البحث سوف يعود بفائدة ليست قليلة عليَّ وعلى السامعين"8. ثم يدعو القديس باسيليوس الكبير إلى "الاهتمام بالمصطلحات التي تُستخدَم في اللاهوت" وأنَّ "هذا أمر يفوق غيره"9 من الاهتمامات، مؤكّدًا أنَّ "من يطلب كمال الحكمة، عليه أن يهتم بالأمور القليلة لكي يصل إلى الأمور الكاملة"10.

والمونوفيزيّون بدورهم كان لديهم الوعي حول الاختلاف في معاني المصطلحات؛ فها هو سفيروس اللاهوتي المونوفيزيّ الأبرز يؤكّد ذلك في رسالته إلى مارون، فيقول: "ولكن أحيانًا يحلّ مُسمّى ’الطبيعة‘ محل ’الجوهر‘، وأحيانًا محلّ ’الأقنوم‘"11. كما يشتكي سفيروس في رسالته إلى أليشع الكاهن من الذين لا يميّزون معاني الألفاظ الواحدة، ويقول: "ولكنّهم قرأوا بشكلٍ مختلف، وليس كما تعني الكلمات"12. وكذلك فيلكسينوس المنبجي (485-523)، أحد القادة الكبار للحركة المونوفيزيّة ضد مجمع خلقيدونية، يقول بوضوح: "لا تدعوهم يُضلّون بساطةَ حقّكم ... بالألفاظ يعتقدون مثلنا، ولكنّهم يحمّلون الألفاظ التي يعتقدون بها معاني أخرى13".

  1. المونوفيزيّة مذاهب عديدة متعارضة في ما بينهما، ولكن كلّها محارِبة لإيمان الكنيسة الأرثوذكسية:

من المعروف أنَّ الأقباط والسريان14 لا يتبعون لاهوت أوطيخا، ولكنّهم يتبعون لاهوت سفيروس الأنطاكي (465-538). فالقول إنّه "يكفي أن تكون ضد أوطيخا حتى تكون أرثوذكسيًّا"، يشبه القول أنّه "يكفي أن لا تكون أريوسيًّا حتى تكون أرثوذكسيًّا"؛ فكما أنَّ الهرطقات ليست جميعها أريوسيّة، كذلك الهرطقات المونوفيزيّة ليست جميعها أوطيخيّة. وكما أنَّ نسطوريوس هو خصم أريوس، ولكن كلاهما خصما الكنيسة الأرثوذكسيّة، كذلك سفيروس15، الذي يتبع لاهوته الأقباط والسريان اليوم، هو خصم أوطيخا، ولكن كليهما خصم لعقائد وإيمان الكنيسة الأرثوذكسيّة.

فالمونوفيزيّون هم شيعٌ متعدّدة، بعضها ما زالَ موجودًا، والبعض الآخر لم يعد له ثمّة وجود اليوم. وهذه الشيع المونوفيزيّة تتعارض فيما بينها جوهريًّا وعقائديًّا. والواقع أنَّ "الأقدمين كانوا يتكلّمون عن أتباعها بكلماتٍ أدقّ تسمح أن نميّز الشيع المختلفة التي ولّدتها الانقسامات اللاحقة لخلقيدونيا التي كان لها ارتباط بالحركة المونوفيزيّة"16.

ويتّفق جميع المونوفيزيّين في أنَّ للمسيح طبيعة واحدة بعد اتّحاد اللاهوت بالناسوت، إذ لا يمكننا الحديث عن طبيعتَيْن بعد هذا الاتّحاد17، أي أنَّ المسيح ليس إلهًا تامًّا بالمعنى الحقيقي، ولا إنسانًا تامًّا. وهذه النقطة المشتركة بينهم، هي التي يستند عليها الآباء القديسون في وصفهم بالمونوفيزيّين أي أصحاب الطبيعة الواحدة، على الرغم من اختلاف شيعهم.

  1. التمييز بين شخصيّات أربعة: أوطيخا، ديوسقوروس، يعقوب البرادعي، وسفيروس الأنطاكي.

من أجل أن لا يختلط الأمر على القارئ، لا بد من التمييز بين هذه الشخصيّات:

أوطيخا (380-456): هو البادئ الأساسي بالهرطقة المونوفيزيّة18، والقائل بالإضافة إلى ما سبق أنَّ الطبيعة البشريّة "ابتُلعت وتلاشت باتّحادها مع الطبيعة الإلهيّة"19، تمامًا كما تذوب وتتلاشى نقطة الخلّ في مياه المحيط20. كما اعتبر أنَّ جسد المسيح مختلفٌ عن جسدنا كونه جسد إله لا جسد إنسان طبيعيّ.21 ولقد حرمه مجمع خلقيدونية باعتباره هرطوقي.

ديوسقورس الإسكندريّ (390-454): أسقف الإسكندريّة، دافع بشراسة عن أوطيخا، وحارب القديسين لاون الكبير وفلافيانوس القسطنطيني، وساهم في قتل القديس فلافيانوس. هو بطل الكنيسة عند اللاخلقيدونيّين الأقباط، وهو على العكس من ذلك محارِب للكنيسة بحسب المجمع المسكوني الرابع الذي حرمه رسميًا، كما أعيد تثبيت هذا الحرم في كلّ من المجمع المسكوني السادس22 والسابع23. يقول الأقباط اليوم أنّه لا يتبع هرطقة أوطيخا إنما يسير مع سفيروس في النهج اللاهوتي نفسه، إلا أنّه من الصعب التأكّد من ذلك، لأنَّ ديوسقورس لم يترك لنا مؤلّفات لاهوتيّة توضح فكره، وجُلَّ ما لدينا شذراتٍ من هنا وهناك لم تُثبَت أصالتها بعد24.

ولا يبتعد ديوسقوروس كثيرًا عن أوطيخا في اعتباره جسد المسيح مختلفًا عن جسدنا البشريّ، وإن كان يعبّر عن ذلك بأسلوبٍ مختلف؛ إذ يقول في رسالةٍ بعث بها من غنغرة إلى الإسكندريّة: "كيف يتميّز دم المسيح عن دم التيوس والعجول والثيران إن لم يكن بالطبيعة دم الله لا دم الإنسان؟ تلك أشياء أرضيّة وفاسدة بالطبيعة. أما فيما يختصّ بدم المسيح فإنّنا لا نقول مطلقًا إنّه ينتمي إلى أيّ من تلك الأشياء الأرضيّة الفاسدة بالطبيعة"25.

يعقوب البرادعي (505-578):

هو أسقف الرُّها اللاخلقيدونيّ؛ وعلى الرغم من أنّه ليس بذاك اللاهوتي اللامع الذي ترك لنا مؤلّفاتٍ جمّة، إلا أنَّ ما يميّز يعقوب، هو مقدار تأثيره على الناس لا سيّما السريان المشرقيّين منهم. وقد لُقّب "بالبرادعي" لأنّه كان يلبس ثوبًا من برادع الخيل، أثناء تنقّله في البلاد المشرقيّة ناشِرًا العقيدة المونوفيزيّة. وبذلك يعود له الفضل – من وجهة النظر اللاخلقيدونيّة – بتثبيت الجماعة اللاخلقيدونيّة في المشرق، وترسيخ وجودها مؤسّساتيًّا وتنظيميًّا وإداريًّا، وعلى هذا الأساس ارتبط اسمه بالجماعة المونوفيزيّة فصارت تُعرف بطائفة "اليعاقبة"26.

سفيروس الأنطاكي (456-538):

إذا صحَّ التعبير أنَّ أوطيخا منشِئ المونوفيزيّة، وديوسقورس قائدُها، ويعقوب مثبّتُها، فإنَّ سفيروس هو منظّرُها أو فيلسوفُها، أو بالأحرى اللاهوتي الذي وضع لها أسسها الفكريّة والعقائديّة. لهذا السبب، نجد أنَّ جُلَّ الباحثين المتخصّصين في اللاهوت اللاخلقيدونيّ يتّفقون في أنَّه "لا داعي لاستطلاع العقيدة المونوفيزيّة في غير أعمال سفيروس الأنطاكي العقائديّة"27، والتي هي أعمال عديدة حُفظت لنا بالسريانيّة، على الرغم من أنّه لم يكن سريانيًّا، وقد كتب مؤلّفاته في الأصل باللغة اليونانيّة28.

وسفيروس هذا، هو اللاهوتي الأساسي عند طائفة السريان، و"لقد وصفه سفيروس أسقف الأشمونين في كتابه ’تاريخ البطاركة‘ بلقب ’تاج السريان‘ لما لتعاليمه الغزيرة من تأثير على الفكر اللاهوتي للكنيسة"29 اللاخلقيدونيّة. أما الأقباط "اعتبروه أبًا لهم"30، إلى حدّ أنّه "يندر أن تعبر صلاة (قبطيّة) لا يُذكر فيها اسمه"31؛ وأكثر من ذلك، لسفيروس ثلاثة أعياد عند الأقباط: رقاده، تذكار مجيئه لمصر، ونقل جسده إلى دير الزجاج32، بل هو "الوحيد الذي يُذكر اسمه في طقس رسامة البطريرك الاسكندري مع القديسة مريم العذراء والقديس مار مرقس الرسولي"33.

يتجاهل المسكونيّون "الأرثوذكس" في حواراتهم الزائفة مع اللاخلقيدونيّين أنَّ كنيستهم المقدّسة أدانت رسميًّا سفيروس في المجمعَيْن المسكونيَّيْن السادس34 والسابع35، عدا عن إدانة الآباء القديسين له باعتباره هرطوقي على رأسهم القديسين مكسيموس المعترف36، يوحنا الدمشقي37، سابا المتقدّس، ثيودوسيوس الستوديتي، صفرونيوس الأورشليمي، نيكوفوروس الأول القسطنطيني، فوتيوس الكبير وغيرهم الكثير مما لا يسعنا المجال لذكرهم38.

  1. مونوفيزيّة سفيروس الأنطاكي مقابل أرثوذكسيّة الآباء القديسين:

يطعن سفيروس بطريقةٍ مستترة في أنَّ المسيح إلهٌ تامٌّ وإنسان تامٌّ. فقد توهّم أنَّ الاتّحاد في المسيح قد أبطل "ثنائيّة الطبائع"، إذ لم يعد هناك من وجود حقيقي لطبيعةٍ بشريّة (ولا حتى إلهيّة) في المسيح، إنّما يستحيل الوجود البشريّ والإلهي إلى "سمات" أو "صفات" قد "وُحّدتا بالطبيعة"39 على حد قوله؛ أي أنَّ للمسيح طبيعة واحدة لها سمات ومزايا40 إلهيّة وبشريّة، من دون أن يكون لها وجود حقيقي كامل للطبيعتَيْن الإلهيّة والبشريّة41. من هنا نفهم قول ساويرس عن المسيح إنّه: "شخصٌ واحد، أقنوم واحد، وطبيعة واحدة متجسّدة لله الكلمة"42.

كما يرفض سفيروس الحديث عن طبيعة بشريّة "غير منتقصَة في المسيح"، بل إنَّ إنسانيّة المسيح هي منتقصَة أي غير كاملة. يقول سفيروس إنَّ المسيح "لم يُبقِ على خاصيّة جسده غير منتقصَة"، معترِضًا على القديس لاون الكبير الذي يشدّد على أنَّ خواص الطبيعة البشريّة في المسيح تبقى غير منتقصَة. ثم يتطرّق إلى الإيمان الأرثوذكسي الذي ثبّته آباء مجمع خلقيدونية، الإيمان القائل بأنَّ إنسانيّة المسيح هي "حافظة لخصائصها غير منتقصَة"، مطلِقًا عليه هذه العبارة: "نظريّة الرجال العديمي التقوى"43.

كما يعلّم سفيروس بأنَّ الطبيعة البشريّة ليست مبدأ الأفعال البشريّة في المسيح، أي ليست الطبيعة البشريّة من تقوم بالأفعال البشريّة خاصّتها؛ يعتبر سفيروس في رسالته إلى النبيل إيكومينيوس أنّه "لا يجب أن ننسب الأفعال البشريّة إلى الطبيعة البشريّة فقط"44، إذ ينسب الأفعال البشريّة إلى طبيعة الكلمة المتجسد فهو "من صنع الأولى (الأفعال البشريّة) والثانيّة (الأفعال الإلهيّة)، وليس أنَّ طبيعة عملت عملًا ما والأخرى عملت الآخر، كما أنّه ليس بسبب اختلاف الأشياء المعمولة نعرّف طبيعتَيْن أو هيئتَيْن بحسب العمل"45. كما يقول في موضعٍ آخر: "وإنّما نتجنّب توزيع وتقسيم الخصائص لكلّ طبيعة"46.

وبذلك، فالتمييز بين إنسانيّة المسيح وألوهيّته هو تمييز نظري محض، وليس واقعيًّا؛ إذ في الوجود الحقيقي، لا يمكن التمييز بين ما هو إنساني وما هو إلهي في المسيح. ففي رسالته إلى إيلوسينيوس الأسقف، يقول سفيروس: "إنّه فقط بالعقل والفحص الحاذق، نستطيع أن نعرف من أي نوع كانت كل واحدة من الطبائع التي اجتمعت في وحدة وكوّنت أقنومًا واحدًا ..."47. هذا المبدأ يكرّره سفيروس كثيرًا في كتاباته، إذ لا يوجد – بحسب رؤيته – تمايز وجودي بين طبيعة جسد المسيح وطبيعة اللاهوت، بل إنَّ "الاختلاف والتمايز بين الطبيعتين لا يُدرَك إلا بالفكر فقط"48.

لا يحتاج الأمر إلى الكثير من التدقيق، لمعرفة أن لاهوت سفيروس، أي لاهوت الأقباط والسريان اليوم، هو لاهوتٌ معادٍ للحقيقة التي أعلنها الله لكنيسته؛ الحقيقة التي تؤكّد أنَّ في المسيح طبيعتَيْن كاملتَيْن وموجودتَيْن وجودًا حقيقيًّا لا وهميًّا أو نظريًّا. إذا لم يكن المسيح قد اتّخذ طبيعتنا البشريّة كاملة "غير منتقصَة"، فكيف يمكن أن نتّحد بالمسيح ونخلص؟ بل كيف يمكن لطبيعتِنا أن تُشفى بصلب المسيح وقيامته، ألم يعلّمنا آباؤنا القديسون أنَّ "ما لم يُتَّخّذ، لا يُشفى"؟

لقد حدّد مجمع خلقيدونية الإيمان الأرثوذكسي بالعديد من العبارات الواضحة، وهذا جزءٌ منه:

"فهذا الأقنوم الواحد نفسه يسوع المسيح الابن الوحيد (لله) يجب الاعتراف به بطبيعتَيْن متّحدتَيْن بلا اختلاط ولا تحوّل ولا انقسام ولا انفصال. وهذا الاتّحاد لم يلغِ التمييز بين الطبيعتَيْن بل إنَّ الطبيعتَيْن مع حفظِ كلّ منهما خصائصها، قد أتّحدتا في شخصٍ واحد غير منقسمٍ أو منفصلٍ إلى شخصين أو أقنومين ولكنّه هو واحد نفسه الابن الوحيد، الله الكلمة ربنا يسوع المسيح كما أعلن الأنبياء قديمًا في ما يختص به وكما علّمنا يسوع المسيح نفسه وكما سلّمنا دستور إيمان الآباء"49.

وقد نوقش تحديد الإيمان لمجمع خلقيدونية في الجلسة الخامسة، ووقّع عليه 454 أسقفًا في الجلسة السادسة؛ والجدير بالذكر أنَّ الآباء القديسين (ما قبل خلقيدونية) كانوا هم معيار هذا التحديد العقائدي الذي اعتمد عليه آباء المجمع، خاصّةً القديس كيرلّس "الإسكندري"، الذي قُرأت رسالته جهارًا في المجمع بالإضافة إلى رسالة القديس لاون الكبير "بابا رومية". فالروح القدس الذي يجمع ولا يفرّق ثقافيًّا ولسانيًّا، جعل آباء المجمع الخلقيدوني القديسين يهتفون بصوتٍ واحد:

"هذا هو الإيمان الأرثوذكسي. بهذا نؤمن كلنا. بهذا اعتمدنا وبهذا نعمّد. القديس كيرلّس هكذا علّم. هذا هو الإيمان الحقيقي. وهذا هو الإيمان المقدّس. هذا هو الإيمان الذي لا يتغيّر".50

ختامًا، لا يمكن أن يسمح الله – بأيّ شكلٍ من الأشكال – بانشقاق كبير عن جسد الكنيسة الواحد، لأجل سوء فهم لفظي. وحين نتبنّى هكذا أكاذيب، فنحن نهين الآباء القديسين، معتبِرين تضحياتهم واستشهاداتهم مجرّد غباء وتخلّف؛ إن نحن صمتنا عن هذه التجاديف على كنيسة الله، فإنَّ دماء القديسة الشهيدة إيفيميا ستتكلّم، وهي التي شهدت في قبرها ضد الهرطقات المونوفيزيّة، وكذلك دماء الشهيد فلافيانوس ستصرخ، وهو القديس المعترف الذي قتله اللاخلقيدونيّون بإيعاز من ديوسقوروس بطل كنيستهم الزائفة.


 

1 لارشيه، جان كلود، "المسألة المسيحانيّة"، في شخص وطبيعة، "أوراق ديريّة"، 7، ترجمة الأب د. يوحنّا اللاطي، دوما، لبنان، عائلة الثالوث القدّوس، 2004، ص32.

والنص الفرنسي الأًصلي موجود في:

Larchet, Jean-Claude, Personne et nature, Paris, les éditions du Cerf, 2011, p97.

2 الأشمندريت جراسيموس مسرّة، تاريخ الانشقاق، الاسكندرية، المطبعة الابرهيمية، 1891، ص220.

3 أنظر:

Schwartz, E., Acta conciliorum oecumenicorum, Berlin, 1927, tomus II, p182.

4 Lebon, Joseph, Le monophysisme sévérien, Louvain, 1909; “la christologie du monophysisme syrien” dans: Grillmeier, A. et Bacht, H., Das Konzil von Chalkedon. Geschichte und Gegemwart, Tome 1, Wurzburg, 1951.

5لارشيه، جان كلود، "المسألة المسيحانيّة"، مرجع مذكور، ص37.

Cf. Larchet, Jean-Claude, Personne et nature, Op. Cit., p97

6 حول علماء الآبائيّات الذي لا يتّفقون مع أطروحة ليبون أنظر مثلًا:

J.C.L. Gieseler, Commentatio qua Monophysitarum veteru errores ex eorum scriptis rencens editis praesertim illustrantur, 2vol., Gottingen, 1835 & 1838.

J.A. Dorner, Entwicklungsgeschichte der lehre von de person Christi, 2vol., 2nd ed., Stuttgart et Berlin, 1845 & 1853.

A. Harnack, Lehrbuch Der dogmengeschichte, 3rd ed., vol. 2, Freiburg & Leibzig, 1894.

F. Loofs, Leontinus von Byzanz und die gleichnamigen Schriftsteller der griechischen Kirche, “Texte und untersuchungen”, 3-1-2, Leipzig, 1887.

P. Junglas, “Leontius von Byzanz” in A. Ehrard et J.P. Kirsh (ed.), Forschungen zur christillichen litteratur und dogmengeschichte, vol. 7, Paderbon, 1908.

7 Episkepsis, No. 520, 1995), p. 14-16 [in Greek].

في المقابل، يقول الأب اللاهوتي جورج فلورفسكي: "من الصعب التفكير أنَّ ساويرس بخاصة لم يكن يقدر أن يفهم المفردات الخلقيدونية وأنّه لم يكن يفهم أنَّ آباء المجمع استعملوا الكلمات استعمالًا يختلف عن استعماله هو دون أن يبتعدوا عنه كثيرًا باعتبار مضمون الإيمان". أنظر:

“The Collected works of Georges Florovsky”, in The Byzantine Fathers of the Fifth Century, vol. 8, Vadus, 1987, p329.

8 القديس باسيليوس الكبير، الروح القدس، تعريب د. جورج حبيب بباوي، ط2، 2014، ص65.

9 المرجع نفسه، ص63.

10 المرجع نفسه، ص64.

كما يتوجّه القديس باسيليوس إلى الذين يسخرون من الاهتمام الزائد بالألفاظ، وكأنَّ به يتوجّه إلى مسكونيّي عصرنا قائلًا: "فإذا ضحكَ أحدٌ من اهتمامنا الزائد بالدقة التي نتوخّاها في الألفاظ ... فإنَّ مثل هذا لن يأخذ في الحقيقة سوى ثمار ضحكه، أي لا ثمر. أما نحن، فعلينا أن لا نستسلم بسبب استهزاء الناس". (المرجع نفسه، ص65).

11 رسائل القديس ساويرس الأنطاكي، الرسائل 1-52، ترجمة وتقديم الراهب جرجس الأنطوني، القاهرة، مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحيّة، 2016، ص94؛ والنص السرياني لرسائل سفيروس مع الترجمة الإنكليزيّة الإزائيّة موجودٌ في:

Brooks, E.W., A Collection of letters of Severus of Antioch, from numerous Syriac manuscripts Letters I to LXI, in: P.O. (Patrologia orientalis), vol. 12, Paris, 1919, pp. 175-328.

12 المرجع، ص163.

13 الرسائل العقيديّة، مجموعة مار فيلكسينوس المنبجي، "1"، ترجمة الراهب روجيه يوسف أخرس، روحانا الشمالي، درعون، لبنان، ط1، 2007، ص9.

14 وكذلك الأحباش وبعض الهنود، في حين أنَّ الأرمن يحتاجون إلى بحثٍ آخر.

15 وليس التعدّد في المذاهب المونوفيزيّة دليل اختلاف في الأمور الثانويّة مع اتّفاقٍ على الأصول، لا بل هو انقسامٌ جوهريّ في الأمور الأساسيّة؛ وهناك أيضًا الخلاف الكبير بين سفيروس الأنطاكي ويوليانوس الأليكارناسوسي، وكلاهما مونوفيزيّ ومناهض لخلقيدونية. فإنَّ سفيروس يعتبر أنَّ ما يقوله يوليانوس هو من "الأشياء المستحيلة التي يقولها الرجال البائسون بحماقة" (رسائل القديس ساويرس الأنطاكي، الرسائل 1-52، مرجع مذكور، ص175؛ أنظر أيضًا: الأب ف. سي. صموئيل، مجمع خلقيدونية – إعادة فحص، ترجمة د. عماد موريس اسكندر، القاهرة، دار باناريون للنشر، 2009، ص250-253).

ولقد "صار مؤيّدو يوليانوس يُعرفوا باليوليانيّين Julians، وخصومهم من أتباع سفيروس بالساويريسيّين Severians، كانت بينهم خلافات حادّة، واضطهد اليوليانيّون السفيروسيّين. وقد انتشر هذا الفكر اليولياني في أرمينيا، وأيّدته الكنيسة هناك..." (رسائل القديس ساويرس الأنطاكي، الرسائل 1-52، مرجع مذكور، ص35؛ أنظر أيضًا: المرجع نفسه، ص174-175).

16 لارشيه، جان كلود، "المسألة المسيحانيّة"، مرجع مذكور، ص38.

والنص الفرنسي موجود في:

Larchet, Jean-Claude, Personne et nature, Paris, les éditions du Cerf, 2011, p103.

"نذكر على سبيل المثال: الديوسقوريّين والإينوتيكيّين والذين لا رأس لهم (Acéphales) والأبوسشيتيّين (Aposchites) واليوليانوسيّين أو الغائيّاسيّين والأفتارتوذوكيستيّين والأكيتستيّين والأغنويّين والنيوبيّين والتريثيّين الذين انقسموا في وقتٍ لاحق إلى الفيلوبونوسيّين والكونونسيّين البيتريتيّين والكوندوبوديّين". أنظر:

M. Jugie, “Monophysisme”, Dictionnaire de Théologie Catholique, tome 10, Paris, 1929, col. 2221-2228; A. Grillmeier, Le Christ dans la tradition chrétienne, Tome 2, 4, Paris, 1996, passim.

17 أنظر: جراسيموس مسرّة، تاريخ الانشقاق، مرجع مذكور، ص221؛ مجموعة الشرع الكنسي، ط2، جمع وترجمة الأرشمندريت حنانيا كسّاب، بيروت، منشورات النور، 1998، ص374.

على سبيل المثال، يرفض البابا شنودة، بابا الأقباط، الحديث عن طبيعتَيْن بعد الاتّحاد، ويقول: "صار الاثنان واحدًا في الجوهر وفي الطبيعة، بحيث نقول إنَّ هذه طبيعة واحدة وشخصٌ واحد" (البابا شنودة الثالث، طبيعة المسيح، القاهرة، الكليّة الإكليريكيّة للأقباط الأرثوذكس، 1995، ط5، ص13).

18 وعلى الرغم من كونه منشئ المونوفيزيّة في القرن الخامس، إلا أنَّ أبوليناريوس أسقف اللاذقية (315-390) كان قد سبق أوطيخا إلى فكرة أنَّ جسد المسيح ليس مساوٍ لنا في الجوهر؛ معتبِرًا أنَّ المسيح هو أقنومٌ واحدٌ وطبيعةٌ واحدة، وأنَّ جسد المسيح كان من دون نفسٍ عاقلة، إذ لم يكن محتاجًا إليها، فالطبيعة الإلهيّة التي للكلمة كانت تقوم بهذا الدور، أي بالتعقّل وتحريك الجسد. (أنظر: ف. سي. صموئيل، مجمع خلقيدونية – إعادة فحص، مرجع مذكور، ص30).

19 مجموعة الشرع الكنسي، مرجع مذكور، ص374.

20 البابا شنودة الثالث، طبيعة المسيح، مرجع مذكور، ص11.

21 ف سي صموئيل، مجمع خلقيدونية – إعادة فحص، مرجع مذكور، ص90.

22 أنظر:

Les conciles oecuméniques, 2, les décrets, Traduction de Jacques Mignon, Paris, Ed. Du Cerf, 1994, vol. 2-2, pp. 278-79.

23 أنظر:

Ibid., p105.

Cf. Larchet, Jean-Claude, Personne et nature, Op. Cit., p137.

24 "حتى اليوم لم يُعثر على أيّ مؤلَّف لديوسقورس ... الشيء الوحيد الباقي من عمله الكتاب هو حرمات ضد مجمع خلقيدونيا محفوظة في مقالاتٍ مونوفيزيّة كتبها مؤلَّفون آخرون ولا ندري إذا كانت الصِيَع المنسوبة لديوسقورس هي فعلًا له". (لارشيه، جان كلود، "المسألة المسيحانيّة"، مرجع مذكور، ص67).

25 النص مقتبس من "Tractatus contra Monophysitas" وهو مؤلّف لاهوتي ضد المونوفيزيّة كتبه الامبراطور يوستينيانوس في القرن السادس، ويمكن أن نجده في المجلد 86 من مجموعة مين للآباء اليونان: PG, vol. 86, col. 1097-1152. ، وقد اقتبس هذا النص بالأساس جان كلود لارشيه في:

Larchet, Jean-Claude, Personne et nature, Op. Cit., p135.

الترجمة العربيّة في: لارشيه، جان كلود، "المسألة المسيحانيّة"، في شخص وطبيعة، مرجع مذكور، ص67-68.

26 أنظر الكتاب اللاخلقيدونيّ: الأب ف. سي. صموئيل، مجمع خلقيدونية – إعادة فحص، مرجع مذكور، 267-269.

لم يكن لقب "اليعاقبة" في البداية للتمييز بين السريان اللاخلقيدونيّين ونظرائهم الخلقيدونيّين، بل قد أطلقه بعض السريان اللاخلقيدونيّين أنفسهم، إثر خلاف وانقسام نشأ داخل الطائفة اللاخلقيدونيّة نفسها بين يعقوب البرادعي والبطريرك المونوفيزي سرجيوس من جهةٍ، والبطريرك المونوفيزي الآخر بولس الأسود من جهةٍ أخرى؛ علمًا بأنَّ البطريركيَيْن المذكورَيْن كليهما أنطاكيَّيْن، بل كليهما قد رسمهما يعقوب البرادعي ذاته. راجع:

Chronique de Michel le syrien, ed. J.B. Chabot, Paris, 1910, tome IV, p357.

27 أنظر:

Lebon, Joseph, Le monophysisme sévérien, Op. Cit., p118-119, 236-237; “la christologie du monophysisme syrien”, Op. Cit., pp. 425-26.

وهذا هو النص الكامل لِلُبون Lebon مترجَمًا: "كان سفيروس المعروف بطريركًا على أنطاكيا قد أعطى المونوفيزيبّين خريستولوجية عالميّة ومحكيّة بتعابير تقنيّة؛ قام بذلك في مؤلّفات مهمّة بقيت بمثابة مراجع رسميّة وترسانات المعارضة لعقيدة خلقيدونيا. مع سفيروس وبواسطة نتاجه، تثبّتَ لاهوت التجسّد المونوفيزيّ في غير أعمال سفيروس الأنطاكي العقائديّة؛ يبدو أنّه لا طائل من العودة إلى الأعمال التي تلت سفيروس والتي لا تقدّم سوى تكرار متواتر للطعونات التي سبق فكيلَت في حق الخلقيدونيّين. مع سفيروس ومعاصريه، هناك شهادة واضحة للعقيدة المونوفيزيّة وتبسّط فيها في مواجهة الخريستولوجية الخاصّة بالطبيعتَيْن diphysite كما لم تُعرَف من بعد". (لارشيه، جان كلود، "المسألة المسيحانيّة"، في شخص وطبيعة، مرجع مذكور، ص34).

28 باباذولوبس، خريسوستمس، تاريخ كنيسة أنطاكيا، تعريب الأسقف استفانس حداد، بيروت، منشورات النور، 1984، ص325.

29 الرسائل، ص10.

30 المرجع نفسه، ص13.

31 المرجع نفسه، ص11.

"فلا تخلو الصلوات الليتورجيّة القبطيّة من ذكره، بدايةً من تسبحة نصف الليل في مجمع القديسين حيث تضع اسمه مع القديسين أثناسيوس وديسقورس، ثم يرد ذكره في ذكصولوجية باكر هكذا: ’البطريرك العظيم أبونا أنبا ساويرس الذي أنارت تعاليمه المقدّسة عقولنا‘" أما في القداس فيُطلق عليه: "اللابس الروح ساويرس بطريرك أنطاكيا". (المرجع نفسه، ص23؛ راجع أيضًا: الأبصلمودية السنوية، دير السيدة العذراء (برموس)، ط2، 2003؛ القمص عبد المسيح صليب المسعودي البرموسي، الخولاجي المقدّس، دير السيدة العذراء (برموس)، 2006، ط4، في مواضيع شتّى).

32 المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

33 أنظر:

Youssef, Y.N., “Severus of Antioch in the Coptic liturgical books”, in Journal of Coptic Studies, no. 6, 2004, pp. 141-50.

34 أنظر:

Les conciles oecuméniques, 2, les décrets, Traduction de Jacques Mignon, Paris, Ed. Du Cerf, 1994, vol. 2-2, pp. 278-79.

35 أنظر:

Ibid., p105.

Cf. Larchet, Jean-Claude, Personne et nature, Op, Cit., p137.

36 PG (Patrologia Graeca), vol. 91, col. 40A-45B, 49C-56D, 204D, 220D-221A, 252A-256D, 269A, 501D, 568C.

37 PG, Vol. 94, col. 741A-744A

38 See: Larchet, Jean-Claude, Personne et nature, Op. Cit., p137.

39 رسائل القديس ساويرس الأنطاكي، الرسائل 1-52، مرجع مذكور، ص76.

40 "مزية طبيعيّة" تدلّ فقط على كيفيّة الوجود، لا على وجودٍ حقيقي ...". أنظر رسالته إلى سرجيوس النحوي، في:

Severi Anticheni, Eiusdem AC Sergii Grammarici, Epistulae mutuae, interpretation de J. Lebon, “CSCO”, Scriptores Syri., série IV, Tome 7, Louvain, 1949, p94; Lebon, Joseph, Le monophysisme sévérien, Op. Cit., p438.

41 بالنسبة لساويرس، ثمّة حالة إنسانيّة وأفعال إنسانيّة للكلمة، ولكن دون وجود بشريّ. أنظر:

Ibid., p76.

42 رسائل القديس ساويرس الأنطاكي، الرسائل 1-52، مرجع مذكور، ص108.

43 المرجع نفسه، ص83.

44 المرجع نفسه، ص77.

45 المرجع نفسه، ص81.

"فإذا كان قد سمح لجسده بين الحين والآخر أن يخضع بالتدبير للآلام الخاصّة به، فهو لم يُبقِ على خاصّيّته غير منتقصَة، لأنّه في مواضع كثيرة يُرى أنّه (أي الجسد) لم يجتزِ الأشياء التي تنتمي بوضوح لطبيعته لكونه متّحدًا بالكلمة صانع الطبيعة". (المرجع نفسه، ص82-83).

46 المرجع نفسه، ص92.

لا شكَّ أنَّ تقسيم الطبيعتَيْن أي تقسيم المسيح إلى اثنين هو من خصائص الفكر النسطوري، أمّا توزيعهما بين طبيعتَيْن تعملان باتّحاد لا اختلاط أو انقسام فيه ضمن شخص المسيح الواحد فهو من خصائص الفكر الخلقيدوني. إلا أنَّ ساويرس يقوم بدمج هذين الفكرَيْن في جملةٍ واحدة، حتى يُظهِر أن إيمان مجمع خلقيدونية هو إيمان نسطوري، وأنَّ البديل الوحيد عن النسطوريّة هو الفكر المونوفيزي الذي يعرضه مناهضو مجمع خلقيدونية.

47 المرجع نفسه، ص102.

48 أنظر:

Allen. P. and C.T.R. Hayward, Severus of Antioch, London; New York, Routledge Taylor and Francis Group, 2004, p20.

49 مجموعة الشرع الكنسي، مرجع مذكور، ص397. أنظر أيضًا:

Meyendroff, John, Imperial Unity and Christian Divisions, The Church 450-680, “Church History”, II, NewYork, St Vladimir’s seminary press, 1989, p178.

أما الجلسات اللاحقة فخُصّصت لحل مسائل تتعلّق بثيوذوريتوس القورشي، وإيباس الرهاوي، وكذلك مسائل وخلافات إداريّة، وهذه ليست موضوع بحثنا (Ibid.).

50 مجموعة الشرع الكنسي، مرجع مذكور، ص379.



آخر المواضيع

أكاذيب المسكونيّة، وحقيقة الأرثوذكسيّة – جزء 6
الفئة : مسكونيات

روني سعيد 2024-02-08

أكاذيب المسكونيّة، وحقيقة الأرثوذكسيّة – جزء 5
الفئة : مسكونيات

روني سعيد 2024-02-05

أكاذيب المسكونيّة، وحقيقة الأرثوذكسيّة – جزء 4
الفئة : مسكونيات

روني سعيد 2024-02-03

النشرات الإخبارية

اشترك الآن للحصول على كل المواد الجديدة الى بريدك الالكتروني

للإتصال بنا