تمييز الشّيخ دانيال الكاتوناكي ساعد راهبًا قد سقط في الضّلال

الأرشمندريت شاروبيم
تعريب: جنيفر سعد

 

عندما كان الشّيخ دانيال في الدّير الرّوسي، لاحظ راهبًا ناسكًا يقيم في قلّايةٍ خارج الدّير في نسكٍ شديدٍ. كان يصوم بشدّة، ويرتدي ثيابًا رثّة، ويمشي حافي القدمين في فصل الشّتاء، إلخ...

ومن بين أمور أخرى، في حين أن قانون الصّلاة يوصي بـ300 سجدة في اليوم، قام بممارسة 3000 سجدة. لهذا تعجّب منه الرّهبان الآخرون.

لم يُبدِ الشّيخ دانيال حماسةً لتقشُّفٍ كهذا رغم أنّه كان في ذلك الوقت أصغر سنًّا. فاستطاع من خلال تمييزه أنّ هذا الوضع لم يكن يرضي الله. وقد لاحظ أنّ هناك فتحة في باب قلّاية الرّاهِب تسمح للمارّة برؤيته ومَدْح نُسكِه الشّديد. دعت محبّة الشّيخ الى إبلاغ رئيس الدّير لإنقاذ الرّاهب من الضّلال. فانطلق رئيس الدّير الى قلّاية «النّاسك الجَبّار».

«كيف حالك يا أبتِ؟»

«بصلواتكَ، أجاهد وأنوح على خطاياي».

«أنتَ لا تأتي لتخبرني بأفكارك».

«ماذا يمكنني أن أخبرك؟ أنت تعرف جميع أفكاري. أنا خاطئ يُجاهد».

«كيف تُجاهد؟ أخبرني، هل تُمارس السّجدات؟»

«أجل أيّها الشّيخ. أنا أقوم ببعض السّجدات».

«كم هو عددها؟»

«بصلواتك أقوم بـ3000 سجدة في اليوم».

«ماذا؟ لماذا 3000؟ من أعطاك البركة للقيام بهذا العدد؟ لا، لا تَقُم بهذا العدد من السَّجدات مرّة أخرى. ما الذّي تحاول أن تظهره؟ أنّكَ «ناسكٌ جَبّار»؟ من الآن فصاعدًا، قُم فقط بخمسين سجدة لتتجنّب الكبرياء».

بعدها رحل رئيس الدّير. انفتح الجُرح وسرعان ما كُشِف مُحتَواه الكَريه. فهذا «الناسك العظيم» تحوّل 180 درجة. لم يستطع القيام بخمسين سجدة. وعوضًا عن الثياب الخشنة أصبح يرتدي الأغلى ثمنًا وصار يحضر أفضل الطّعام الى طاولته الفقيرة. طبعًا تفاجأ الآباء الآخرون، وأدركوا أنّ ممارسته النسكيّة كانت تغذّيها روح الكبرياء. وهذا ما يفسّر التغيير المفاجئ لأنّ روح الضّلال تسعى وراء التطَرُّف. وفقًا لحكمة الآباء، المبالغة والإفراط والتطرّف هي «من الشياطين».

 

المصدر:

https://solzemli.wordpress.com/2011/01/26/a-deluded-monk-is-benefited-by-elder-daniel-of-katounakias-discernment/