أيُّها القدِّيسُ والمُثلَّثُ القدَاسَةِ پورفيريوس أَعِنَّا!
شهادَةُ السَّيِّدة د.ف. مِن أَثينا. سارَت السَّيَّارَةُ وَحدَها
نقلها إلى العربية: فريق القديس غريغوريوس بالاماس
في 21 مِن تِشرين الأول عام 1994 انطلَقنَا بسيَّارَتِنا الخاصَّةِ مِن مَنطِقَةِ "ماروسي" حيثُ نُقيمُ، إلى منطقة "إيغاليو" لنُتَمِّمَ بعضَ الأعمالٍ وعَصرًا قَفِلنا عائدين. كُنتُ أقودُ السَّيَّارَة، وأبي في المِقعَدِ المُجاوِرِ لي ووالِدَتي في المِقعَدِ الخَلفِيِّ.
أَثناءَ العَودَةِ بدَأ المَطَرُ يتهاطَل، وسُرعانَ ما تَحوَّلَ هُطولُه إلى مَطَرٍ غزيرٍ جدًّا. كُنَّا نَسيرُ بِمُحاذاةِ نَهرِ "كِفيسو" حينَ لاحَظناه يطفَحُ ويَفيض. مَعَ هذا تابَعنا سَيرَنا حتَّى وَصلْنا مِنطَقَةَ "فيلادلفيا"، مِن ثُمَّ "نَيا إيونِيا" غَطَّت المِياهُ كُل سَطحِ الشَّارِعِ تَمامًا بَل وشَرَعَت تتناثَرُ كالنَّافورَة يَمينًا ويَسارًا. مَلأت المِياهُ الوادِيَ الَّذي يشقُّ المَنطِقَة، حتَّى أنَّ العديدَ مِنَ السَّيَّاراتِ أُعيقَت حركَتُها تَمامًا في وسَطِ الطَّريقِ بِسبَبِ الفَيضان. أمَّا نحنُ فتابَعْنا المَسيرَ بِصُعوبَة.
أخيرًا، لمَّا وَصلنا إلى الملعب الأولمبيّ، وفي شَارِع "سپيرو لُوِي" تَعَذَّرَ المُرورُ تَمامًا. لاحَظْنا سيَّارةَ دفع رباعيّ تِتقدَّمُنا وكَيفَ أنَّ الماءَ غمَرَها حتَّى 50 إلى 60 سم. في بعضِ المَواقِعِ حيثُ يُوجَد تَجوِيفٌ في الشَّارِع، وَصَل مُستَوى الماء إلى مِترٍ تقريبًا. رأينا أنَّ الكثيرينَ تَخلُّوا عَن سيَّاراتِهم وتَسلَّقوا جُدرانَ الملعب للنَّجاةِ مُتعلِّقينَ بالقُضبان. لمَّا توقَّفَت سيارَة الدَّفع الرُّباعيّ أَمامي عَن المَسيرِ اعتَرانا الخَوفُ أكثَر، لأنَّ سيَّارَتَنا كانت سيَّارة رُكَّاب وبَسيطَة. حاوَلْنا الاستِدارَةَ لنَأخُذَ جادَّةَ "كيمي" حتَّى نَقتَرِبَ مِن حَيِّنا مِن ناحِيَةٍ مُختَلِفَة. لمَّا بلغنا الإشاراتِ الضوئيَّة، حَدَثَ ما كُنَّا نَخشاه. تَوَقَّفَ مُحَرِّكُ سيَّارَتِنا عن الدَّوَران.
صارَ سَيلُ المِياه الجارِف وَسطَ اللَّيلِ يَضرِبُ ويَجرِفُ السَّيَّارَةَ المُطفَأَةَ تَمامًا والَّتي لَم أُسَيْطِر عَليها. أمَّا مُستَوى الماءِ فَقد وَصلَ إلى 70 إلى 80 سم. عامَت سيَّاراتٌ كثيرةٌ مِثلَ الزَّوارق حَولَنا بِلا قَائدٍ نَحوَ "بَحِر" پيرِيا!
أمَّا عائلتُنا فعَرَفَتْ الأبَ پورفيريوسَ لِسنواتٍ وأَحبَبناهُ كَثيرًا، لِذا شَرَعنا نُناديِهِ بِصَوتٍ عَالٍ مَعًا ونَتَوَسَّلُ إليه. مَعَ أنَّ قَداسَتَهُ لَم تَكُن مُعلَنَةً بَعد، أمَّا نحنُ فَرُحْنا نُكَرِّرُ مِرارًا:
أَيُّها القدِّيسُ پورفيريوس أعِنَّا! أيُّها القِدِّيسُ والمُثَلَّثُ القَداسةِ پورفيريوس أَنقِذْنا!
قُلنا هذا مِن عُمقِ كِيانِنا، لأَنَّنا كُنَّا في رُعبٍ شديد. وحدَثَت العَجيبَة. تمَكَّنَت السَّيَّارَةُ مِن الوُصولِ إلى جادَةِ "كيمي" (ملاحَظَة: أنَّ اسمَ الشَّارِعِ هُو على اسمِ مَدينَةِ كِيمي في "إيڤيا" وهي مَسقط رَأسِ القدِّيس) وشَرَعَت السَّيَّارَةُ تَصعدُ بِبُطءٍ وثَبات. حلَّ اللَّيلُ، المُحَرِّكُ لا يَعمَل، ولا الأَنوارُ ولا أيُّ شيءٍ كَهرَبائيّ. سارَت سيَّارتُنا وَحدَها ضدَّ تيَّارِ المَاء. تَجاوَزنا السيَّاراتِ الأُخرى ومَضَينا. لَم نَرَ أيَّ سيَّارةٍ أُخرى تَمشي في هذا الاتِّجاه. دُونَ أَن أُوَجِّهَ السيَّارة إطلاقًا، اجتَزنا طلوعًا حادًّا، ضدَّ تيَّارِ المِياهِ الجارِف، مَسافَةً مقدارُها ثلاث كيلومترات.
بَقينا طيلةَ المُدَّةِ نُصَلِّي بِحرارةٍ إلى القدِّيس پورفيريوس، لكن أَصبَحنا نَشعُرُ الإنَ في داخِلِنا بِفَرحٍ شديد. لحظةَ ما استَدارَت السَّيَّارَةُ وَحدَها، اتَّخَذَت طُرُقًا فَرعيَّةً حتَّى خَرَجَت على جادَةِ "كِفِسياس". على إِحدَى الإِشاراتِ الضَوئِيَّة لمَّا تَوقَّفنا، خَشِينا أَن يَصدِمَنا أحدٌ، لأنَّ الأنوارَ ولا الزَّامورَ كانَت تَعمَل. لكنَّ سيَّارَتَنا تَوَقَّفَت وحدَها، ثُمَّ انطَلَقَت مِن جَديدٍ، بالطَّريقة نفسها، بِبُطءٍ وثَباتٍ - كانَت سُرعَتُها تقريبًا 30 إلى 40 كم في الساعة. وَصَلنا، دُونَ أَن نُصادِفَ أَيَّةَ سيَّارَة أُخرى، إلى حَيِّنا، واصطَفَّت السَّيَّارَةُ وحَدَها أَمامَ مَدخَلِ البَيتِ! وكأَنَّ شَيئًا لَم يَحدُث. نَزلَنا ودَخَلنا بَيتَنا.
بقيتُ ليَومَينِ مَذهولَةً أُحاوِلُ أَن أَفهَمَ كَيفَ نَجَونا مِن الخَطَر الكَبيرِ الُمحدِق. أُصِبْتُ بِصَدمَةٍ فِعلاً، لكن تَأثَّرتُ مِن مَحبَّةِ القدِّيسِ الكبيرة. لقَد تَخَطَّت سيَّارتُنا مسافَةَ 6إلى 7 كيلومترًا بِمُحرِّكٍ مُعَطَّلٍ ولا يَعمَل، دونَ أَدنى تَأثُّرٍ بالعاصِفَةِ الَّتي هَزَّت كلَّ حَوضِ المَدينَةِ. كانَت الكُتلَةُ الهائلةُ آتيةً مِن إيطاليا واستَمَرَّت حتَّى فَجرِ النَّهارِ الَّتالي، وقد تَسبَّبَت بِكَوارِثَ مَهولَةٍ وخَسائِرَ: بيوتٍ سيَّاراتٍ ومَتاجِر. أمَّا الأَسواء، أَودَت بِحياةِ 17 شخصًا (بداية 12 شخصًا ثُمَّ عُثِرَ على 5 آخَرين) أمَّا نحنُ فنَجَونا مِن الغَرَق، لأنَّنا اتَّخذنا القدِّيسَ پورفيريوس رُبّانًا، وهو قَادَنا بأمنٍ وسلامٍ حتَّى الميناءَ إلى مَلجَئِنا.