انتشارُ روحِ الضلالِ في العالَمِ

انتشارُ روحِ الضلالِ في العالَمِ

المطران أوغسطينوس أسقف فلورينا

نقلَتْها إلى العربيَّة: جنيفر سعد سلّوم
 

تكريمًا لذكرى رحيل المطران أوغسطينوس أسقف فلورينا اَّلذي صادفَ عيدُ شفيعه في ٢٨ آب ، نقدّم مقطعًا صغيرًا من دروسِه التّعليميّة حولَ ظهورِ الضّلالِ المنتشرِ في العاَلمِ. إن تحذيرَه من خطورةِ هذه الأزمةِ وطبيعتِها المروعة يجبُ أن يَحُثُّ جميعَ المسيحيِّينَ الأرثوذكس على الشّعور المتجدّد باليقظَة والاجتهادِ في أيَّامِنا هذِهِ، حيثُ تنتشرُ هذه الروحُ بينَ المزيد من الَّناس وَتُسَيْطِرُ عليهم.
 

نعيشُ في موجةٍ عالميَّةٍ هائلةٍ من الضَّلالِ، تبدأ من أصغر الأمور وتمتدّ إلى أعظمِها. يقول الرَّسولُ إنَّ جميعَ الَّذينَ لا يميلُون إلى الخيرِ سيسقطُونَ في شِباكِ المسيحِ الدَّجَّال (انظر 2 تسالونيكي 8:2-12)، أولئك الَّذينَ يسعون لسَماعِ أشياءَ مختلفةٍ هنا وهناك.

أتذكر، في أثينا، كان هناكَ شخصٌ جادٌّ، ولكنَّه ليس روحانيًّا، يعاني من مشكلةٍ ما. ذهبَ إلى عشرَة آباءٍ روحيِّينَ مختلفِينَ طلبًا للنَّصيحَةِ. فتحَ الأبُ الرُّوحي الأوَّلُ الإنجيلَ وقال لَهُ: «يا بنيّ، هذا ما يجبُ عليكَ فِعلُهُ». لم تعجبْه النَّصيحةُ، فذهب إلى أبٍ روحيٍّ آخرَ، لكنَّه قالَ لَه الشَّيْءَ نفسَهُ. ذهب إلى أبٍ ثالثٍ، ورابعٍ، وخامسٍ، وسادسٍ، وسابعٍ، وثامنٍ، وتاسعٍ، وقالُوا له الشَّيْءَ نفسَهُ. ذهبَ إلى الأبِ الرُّوحيِّ العاشرِ، وقالَ له: «آه، هذَا أمرٌ بسيطٌ…» عندَها ارتاحَ الرَّجلُ، وقال: «يا لك من أبٍ روحيٍّ صالحٍ، لقد قلْتَ لي الحقيقةَ!...»

أترون؟ لقد وافقَ الأخيرُ، مع ذلكَ «المستهترِ»، الَّذي كانَ عنده الرُّوحُ نفسُهُ، وأصغَى إليه. أمّا التِّسعة الآخرُون، الَّذين نطقُوا بروحِ الإنجيلِ، فلم يَسْمَعْ لهم. والآنَ في مجتمَعِنا، يحظَى هؤلاءِ الآباءُ الرُّوحيُّونَ بشعبيَّةٍ. آهٍ - يقولُون - هذا لا شيْءَ، الجميعُ يفعلُه.

أما رأيتم ما حدثَ في أثينا؟ اجتمعَ مُحاضرون، وهم شخصيَّاتٌ مرموقةٌ، لإلقاءِ محاضراتٍ عنِ الجنسِ. وتجمَّعَ آلافُ الشَّبابِ في قاعةِ المحاضرَاتِ وهم يهتفُون: «فلتَسْقُطِ العُذْرِيَّةُ...». الوضعُ مُريعٌ. انتشَرتْ روحُ الضَّلالِ بوتيرةٍ مُذهلَةٍ. يقولون: «لا بأسَ بالزِّنا، ولا بأسَ بالجنسِ قبلَ الزَّواجِ، فهي ليْسَت أمورًا سيّئَةً. ويقولُون لكَ: «لمَاذا تجلسُ هناك وتخبرُني بهذِهِ الأمورِ؟«

تنبَّأَ الكتابُ المقدَّسُ بذلكَ. يقولُ إنَّهُ سيأتي يومٌ، حين يعملُ النَّاسُ أعمالَ الخِزْيِ ويعتبرُونَها شيئًا بريئًا، كما لو كانُوا يشربون كأسَ ماءٍ، أو شرابًا حُلْوًا (مَكْرُوهٌ وَفَاسِدٌ الإِنْسَانُ الشَّارِبُ الإِثْمَ كَالْمَاءِ! [انظر أيوب ١٥: ١٦]). هذا هو رُوحُ الضَّلالِ الَّذي سينتشرُ انتشارًا هائلًا. وستصيبُ هذه الأمورُ من يَقَعُون في شِباكِ الخطيئةِ.
 

https://www.orthodoxethos.com/post/there-is-a-spirit-of-delusion-in-the-world