الحياةُ الأسراريَّة الكنسيَّة محورٌ للحياة الرّوحيَّة


الحياةُ الأسراريَّة الكنسيَّة محورٌ للحياة الرّوحيَّة.

الأب جورج دوكوس.

نقله إلى العربيَّة نديم سلّوم.

 

بالنّسبة إلى القدّيس نيقوديموس، فإنَّ الحياة الأسراريَّة هي محور الحياة الرّوحيَّة، بما أنَّ كلّ نشاطٍ روحيٍّ، إن كان بالعمل أو بالمعاينة، يدور حول المحور الأسراريّ. وبهذه الطّريقة، تتنشَّط، وتتقوَّى بالنّعمة الإلهيَّة. إنَّ الأسرار المقدَّسة «كانت ولا تزال هي الينابيع الإلهيَّة الّتي تنبثق منها الرّوحانيَّة الأصيلة، الحياة الروحيَّة الحقيقيَّة، ومنها تتغذّى»1. تلخِّص هذه الكلمات بدقَّة خبرة القدّيس نيقوديموس، ولهذا السّبب، عبر جهوده الأدبيَّة، «أراد تنمية الحياة الرّوحيَّة للمؤمنين، عبر الأسرار»2. الحياة الأسراريَّة، هي الوسيلة الأساسيَّة الّتي عبرَها يبلغ الإنسانُ هدفَه المنشود: الاتِّحادَ بالله. لكن قبل الشّروع في تحليلٍ مفصَّلٍ، لما يعلّمه الأبُ القدّيسُ، في موضوع الكنيسة ، أي قبل مناقشةِ ما هو أصل «المكان الوحيد لتألُّه الإنسان»3، من الضّروريّ أولاَّ أن نبحث عن معنى الحياة الرّوحيَّة.

ليست الحياةُ الروحيَّةُ، مفهومًا مجرَّدًا، أو إيديولوجيَّةً نظريَّةً، أو فكرةً ما عن روحانيَّةٍ غير محدَّدة. بدلاً من ذلك، يمكن وصفُها بأنَّها الحياة المسيحيَّة الكنسيَّة الملموسة، المصبوغة بالرّوح القدس «المنبثقِ من الآب، والمستقرِّ في الابن»4. الحياةُ الرّوحيَّةُ، وسرُّ الكنيسة، طريقُ وجودٍ ثالوثيٍّ؛ لأنَّ الكنيسةَ، والوجودَ المسيحيَّ، متجذِّران بعمقٍ في سرِّ «الثّالوث غيرِ المنقسم، وغير المشوَّه الّذي تعمَّدنا، ونعيش، وندرك، ونفكِّر فيه، وعبرَه نستمرّ، وسنبقى دائمًا»5. تبدأ الحياة الرّوحيَّة، لحظةَ المعموديَّة على اسم الثّالوث القدّوس6، «وتستمرّ وتكتمل، بما أنّها عملٌ، ونشاطٌ للثّالوث القدّوس»7، وبما أنَّ أسرارَ الكنيسةِ جميعَها، هي أعمالٌ إلهيَّةٌ للثّالوث8.

بطريقةٍ مماثلةٍ، في السّعي الدّائر لهدف الحياة الرّوحيَّة، يصير الإنسانُ مسكنًا لله، مع الاتِّحاد الكلّيّ للثّالوث القدّوس بنفسه»9. هذه كانت، ولا تزال خطّة الله الأزليَّة للإنسان، كما يشهد على ذلك القدّيس نيقوديموس، في مقدِّمة كتاب «الفيلوكاليا»: «اللهُ، الطّبيعةُ المباركة، الكمالُ الكليّ كمالاً، المبدأُ الخالقُ لكلِّ خيرٍ وجمالٍ، سببُ الخير والجمال، حدَّد مسبقًا، وفقًا لقصده الإلهيّ منذ الأزل، أن يؤلِّه الإنسان، وأعطى هذا الغرض للإنسان منذ البداية قبل كلّ شيءٍ، وخلقه عندما رأى ذلك مناسبًا»10. هذا ظاهرٌ جليًّا للإنسان؛ لأنَّه يتوق إلى الاتِّحاد مع خالقه، ولأنَّ الله قد خلقَهُ، ليكونَ معه، ويفرح به إلى الأبد.11 إنّ المآسي الّتي عانت منها البشريَّة، في محاولة تحقيق شوقها، بالاقتراب من الإله الحقيقيّ، هي معروفةٌ جدًّا، عبرَ عبادة الأصنام، وتطبيقِ الممارسات الّتي تتعارض، في الواقع، مع مشيئة الله. وحدَه الإلهُ الحقيقيّ، الّذي خُلِقَ الإنسانُ من أجله، يمكنه أن يرضيَه، وبالله سيجد المعنى الحقيقيّ والرّاحة قفط،12 كما يؤكِّد أغسطينوس الإلهيّ، على نحوٍ مميَّزٍ: «أنت كوَّنتنا لنفسك، وقلوبُنا مضطربةٌ، حتَّى تجدَ الرّاحةَ فيك».13

وفقًا للقدّيس نيقوديموس، إنَّ محبَّة الله للإنسان14 عظيمةٌ جدًّا، لدرجة أنَّه، إذا كان ممكنًا، سوف يجعل النّاس آلهةً «حسب الطّبيعة»15. لكن بما أنَّ هذا مستحيل، يرغب الله في تأليه16 الإنسان، بنعمته «حسب النّعمة، عبرَ المشاركة» بقواه غير المخلوقة17. تجدر الإشارة، إلى أنَّ القديس نيقوديموس يصف واقع التّألُّه، على أنَّه القوّةُ، الّتي للرّوح القدس، والتي تعمل في الإنسان.18 إنَّ الروحَ القدس، هو الّذي يرشد الإنسانَ، عبرَ عمل المسيح المتجدِّد، للاشتراك في قُوى الثّالوث القدُّوس المؤلِّهة، غير المخلوقة.19 لا توجد طريقةٌ أخرى للاتِّحاد بالله؛ إلاَّ بالرّوح القدس عبرَ المسيح. كما ينصُّ الكتاب المقدَّس على هذه الحقيقة: «لأَنَّ لَنَا بِهِ جَمِيعاً سَبيلاً إِلَى الآبِ فِي رُوحٍ وَاحِدٍ».20 لهذا السّبب، بدلاً من استخدام مصطلحاتٍ مثل التّصوُّف21 والرّوحانيَّة، يفضِّل آباءُ الكنيسة، استخدامَ مصطلحاتٍ حسِّيَّةٍ مثل: الحياة في المسيح، والحياة في الرَوح القدس، والحياة الرّوحيَّة، والحياة في الله، لوصف الحياة الرّوحيَّة للمسيحيّ، في الكنيسة.22 هذه التّعابرُ كلُّها مترادفةٌ؛ لا توجد حياةٌ في المسيح تختلف عن الحياة في الرّوح القدس، أو عن الحياة في الله، ولكنَّها جميعها تعبِّر بشكلٍ أساسٍ عن الحياة المسيحيَّة، للمؤمنين بالمسيح عبرَ الرّوح القدس؛ الحياةِ الّتي ترفع الإنسان، من حالة الوجود الجسديّ أو الطبيعيّ، إلى حالةٍ روحيَّة.

عن كتاب «الروحانيَّة الأسراريَّة عند القدّيس نيقوديموس الآثوسيّ».

من الفصل الأوّل «الكنيسةُ مكانٌ للحياة الرّوحيَّة».


 

1 Hieromonk Athanasios Gieftits, “Liturgy and Spirituality” (Athens: Goulandre – Horn Institute: The Uniqueness of Modern Hellenism – collection of Works, 1983) 50.

2 Protopresbyter Athanasios Gikas, “Repentance According to St Nikodemos the Hagiorite”, Proceedings of the 1st Academic Convention, St. Nikodemos the Hagiorite (Thessaloniki: 2000) 7.

3 Archimandrite George, Deification as the Purpose of Man’s Life, 31.

4 The Anoixantaria, Sylleitourgikon (Mt Athos: Simonos Petras, 2001) 27.

5 Symeon the New Theologian, First Theological Discourse, SC 122, 128; trans. Symeon the New Theologian: The Practical and Theological Chapters and The Three Theological Discourses (Kalamazoo: Cistercian Publications, 1982), 122.

6 See Matt. 28:19, and Nikodemos the Hagiorite, Heortodromion, vol. 2, 325 – 326.

7 Protopresbyter Michael Kardamakes, Orthodox Spirituality (Nea Smyrni: Akritas, 1993) 72.

8 See The Rudder, 496.

يقول القدّيس نيقوديموس في مكانٍ آخرٍ: «يعمل الثّالوث القدّوس كلّه معًا في الاحتفال المقدَّس للأسرار الرّهيبة الّتي تحصل في الكنيسة» (Christian Morality, 311)

9 See Spiritual Exercises, 219. See also Gregory the Theologian, Orations 16.9, PG 25, 945C.

10 The Philokalia. See also Heortodromion, vol. 1,108.

يقول القدّيس مكسيموس المعترف: «لقد خلقَنا الله لنصبح شركاء في الطّبيعة الإلهيَّة، ومشاركين في أبديَّته، ولكي نصبح مثله عبرَ التألُّه بالنّعمة؛ عبرَ التّألُّه، يُعاد تكوينُ كلّ الأشياء، وتحقِّق ديمومتها؛ ومن أجل هذا، ما لم يكن في الوجود، يُعطَ له الوجود.

(First century of various texts 42, PG 90, 1193D; trans. The Philokalia, vol.2 [London: Faber and Faber, 1990] 173)

تجدر الإشارة، إلى أنَّ تجميع الفيلوكاليا وتحريرها، كانا من أولى المهامّ الّتي كُلِّف بها القدّيسان نيقوديموس الآثوسيّ ومكاريوس الكورنثيّ. وأمَّا مقدِّمة هذا الكتاب، فهي أوَّل عملٍ يؤلِّفه القدّيس نيقوديموس وينشره. المدهش، أنَّه كَتب هذا المقال اللّاهوتيّ العميق، عندما كان في الثّامنة والعشرين من عمره، أي في عامه الثّاني في الرّهبنة، في الجبل المقدس، عام 1777. يبدو كما لو أنَّ الشّابّ نيقوديموس قد اكتسب، بفضل نعمة الله، «وعيًا عقائديًّا ناضجًا» (اقتباس من القدّيس صفروني إيسيكس) في وقتٍ مبكرٍ من حياته الرّهبانيَّة. هذا ما كتبه أخوه الرّوحيّ إفثيميوس عام 1812 - 1813 في سيرة القدّيس نيقوديموس الآثوسيّ (1749 – 1809): «بهذه الطّريقة بدأ المبارك... لقد بدأ، كما أقول، من الفيلوكاليا ونرى فيها أجمل مقدِّمةٍ، وملخَّصاتٍ عن الحياة العسليَّة للآباء السّماويّين» ([Athens: St. Nikodemos the hagiorite, 2000] 8-9).

11 See Spiritual Exercises, 18.

12 See Spiritual Exercises, 23.

بالتّوافق التامّ مع آباءٍ أمثال القدّيس غريغوريوس النّيصصيّ (Life of Moses, SC1 bis, esp. Theoria 219 – 254, pp. 102 – 114) والقدّيس سمعان اللّاهوتيّ الجديد (The practical and theological chapters, 1.7, SC 51bis, 44)، يقول القدّيس نيقوديموس، إنَّه على الرّغم من أنَّ المرء يجد الرّاحة والكمال في الله، إلاَّ أنَّه من المفارقة أنَّ شوقه وحبَّه لله اللّامتناهيَين، لا ينتهيان ولا يشبعان أبدًا: «الله كامل البهجة، وكامل الفرح، وكامل الرغبة، وكامل الشّبع الذي لا ينتهي» (exomologetarion, 210). وأيضًا: «إذن، بما أنَّ الله غير محدودٍ، حسب الطّبيعة، وغير مقترَبٍ إليه؛ لا يتوقّف الشوق أبدًا إلى الله، لكنَّه باستمرارٍ وحركةٍ دائمةٍ، وينمو دائمًا ويصل إلى ما هو أعلى» (New Ladder, 36).

13 Confessionum I, I, 1, in saint Augustin: confessions, Livres I – VIII, Tome I (Paris Les Belles Lettres, 1966) 2.

14 عبر لغة تذكِّرنا بديونيسيوس الآريوباغيّ (الّذي من الواضح، أنّه كان له أثرٌ كبيرٌ، على القدّيس نيقوديموس؛ لأنَّه اقتبس منه أكثر من 150 مرّةً في أعماله، وألّف أيضًا خدمةً له) في عمله «صلواتً إلى ربِّنا يسوع المسيح»، يصلِّي الآثوسيّ بالطّريقة الآتية: «يا يسوع، العشق الجنونيّ ومستحقّ كلّ رغبة» (Unseen Warfare, 309). وفي وصفه لمحبَّة الله اللّامتناهية للبشريّة، يقول إنَّ الله «أحبَّك بلا بدايةٍ، وإلى الأبد، في ذهنه الإلهيّ، وأراد منذ الأزل أن يجعلك متناولاً ومشاركًا في صلاحه ونعمته» (Spiritual Exercises, 130).

15 Spiritual Exercises, 130.

16 تضع إحدى ترانيم الكنيسة، الكلمات الآتية على فم المسيح: أيّها المسيح، لقد قلتَ لأحبَّائك إنّني سأشرب معكم في ملكوتي، شرابًا جديدًا يفوق الوصف. وبما أنّي إلهٌ، سأكون معكم كآلهة» (الأودية الرّابعة من قانون الخميس العظيم المقدَّس، تريوديون، 367)، اُنظر أيضًا يوحنّا 10: 34 والمزمور 81: 6). يفهم القدّيس نيقولاوس كباسيلاس هذه الآية، من الكتاب المقدّس «أنا قلتُ إنَّكم آلهة» من منظورٍ أسراريّ. See The Life of Christ 1, PG 150, 505B

17 Spiritual Exercises, 130.

يحرص القدّيس نيقوديموس، في أعماله، على التّأكيد على أنَّنا مؤلَّهون بنعمة الله، عبر المشاركة في القُوى غير المخلوقة، لا عبر المشاركة في جوهر الله. في شرحه لرسالة بطرس الثّانية (2بط1: 4)، يقول بشكلٍ مميَّزٍ: «لأنَّه عندما يسمع المرء الرّسولَ الجليل، يقول إنَّه قد مُنِح للمسيحيّين أن يصبحوا شركاء في الطّبيعة الإلهيَّة، لا ينخدِع ويظنّ أنَّه يقول عن اشتراك المرء في طبيعة الله وجوهره. هذا مستحيلٌ، بأيّ حال من الأحوال، على الخليقة العاقلة كلّها، الملائكة وكذلك البشر. مع ذلك، هذا رأيُ الهراطقة المِصلِّيين أوَّلاً، ثمَّ البرلعاميّين، وجماعة أكنذينوس، وأتبعاهم. بما أنَّ جوهر الله وطبيعتَه، هما فوق الطّبيعة، ولا متناهيان، لا يمكن لأيّ مخلوقٍ أن يشترك بهما فحسب، بل أن يراهما حتّى. ليسا غير مرئيّي وحسب، بل غير محسوسيَن، وغير مدرَكَين، وغير قابلَين للبحث. ما هو محدودٌ، غير قابل لاحتواء اللّا محدود. لذلك، الاشتراك بالطّبيعة الإلهيَّة، كما يقول الرّسول هنا، هي للمسيحيّين الّذين تطهَّروا، وأصبحوا كاملين بوساطة الإيمان، وحياة الفضيلة، ومُهَيَّئين للاشتراك في كمال الله وقوّته، ونعمته، وببساطةٍ بهبات الله، الّتي سمَّاها الرّسول الجليل طبيعةَ الله؛ لأنَّها متَّحدةٌ بطبيعة الله، ولا تنفصل عنها، لذا فهي أساسيَّةٌ، ومتأصِّلةٌ في الله. ومثلما أنَّ الطّبيعة الإلهيَّة أزليَّةٌ، وغير مخلوقةٍ، كذلك هي هذه القوّة. لذلك، بوساطة هذه الكماليَّات الطّبيعيَّة لله، يتألَّه المشتركون المطهَّرون، ويصبحون آلهةً بالنّعمة». (Explanation of the seven Catholic Epistles of the Holy Apostles, 346).

18 See New Ladder, 243

"بالتالي بالروح القدس إنَّ تألُّه الإنسان تاريخيًّا وأخرَويًّا هو جوهريّ ووجوديّ ويُحقق الهدف الخلاصيّ."

Georges P. Patronos, The Deification of Man (Athens: Domos, 1995) 156.

19 See Heortodromion, vol. 1, 162.

20 أفسس 2: 18

21 على الرّغم من أنَّ الأب أندرو لوث (Fr. Andrew Louth) يستخدم مصطلح «تصوّف»، يصفه بأنّه تصوُّفٌ مسيحيٌّ، ويميّزه عن أيّ نوعٍ آخر، قائلاً إنَّ التّصوُّف المسيحيّ وحدَه، متمركزٌ حول المسيح والإكليزيولوجيا: «إنَّه هنا بالضّبط، كما ندرك أنَّ التّأمُّل، والعمل مترابطَين معًا في المحبّة المسيحيَّة؛ بدأنا في التمّييز بين التّصوُّف المسيحيّ، والتّصوُّف الأفلاطونيّ، وأيِّ تصوُّف غير مسيحيٍّ آخر. فالمحبَّةُ المسيحيَّة، هي محبَّةُ المسيح الّتي توحِّدنا به، وعبرَه نتّحد ببعضنا. وهكذا، فاللّاهوت المسيحيّ، ولا سيَّما اللّاهوتُ الصّوفيّ المسيحيّ، هو إكليزيولوجيّ. إنَّه ثمرُ المشاركة في سرّ المسيح، الّذي لا ينفصل عن سرّ الكنيسة... بالنّسبة إلى المسيحيّ، إنّ الحياة الصوفيَّة، هي زينة الحياة المعموديَّة، والمعمودية تندمج في جسد المسيح.

)The Origins of the Christian Mystical Tradition, From Plato to Denys [Oxford: Clarendon Press, 1981] 199-200(

ويستخدم المطران يوحنّا زيزيولاس مصطلحَي التصوُّف الكنسيّ، والتّصوُّف الإفخارستيّ.

See "The Church as the 'Mystical' Body of Christ: Towards an Ecclesial Mysticism," Communion and Otherness: Further Studies in Personhood and the Church (London: T&T Clark, 2006) 286-307.

22 See Dumitru Staniloae, Orthodox Spirituality (South Canaan: St. Tikhon's Seminary Press, 2003)

إنَّ المصطلح المحدَّد «الحياة الرّوحيَّة»، نجده على الأقلّ لدى خمس كاتبين مسيحيّين، في الألف الأوّل للمسيحيَّة: أوريجنس، والقدّيس غريغوريوس النّيصصيّ، وثيوذوريتوس القورشيّ، والقدّيس مكاريوس الكبير، وميخائيل بسيلُّوس.

عند أوريجنس (Homilies on Ezekial 3.7, ed. W. A. Baehrens, Origenes Werke 8, Die Griechischen Christlichen Schriftstellar der Ersten Drei Jahrhunderte [Leipzig: J. C.Hinrichs' sche Buchhandlung, 1925] 354-355) المصطلح مساوٍ للثّاوريا الذهنيَّة، ومعارضٌ لعبادة الأمور الحسّيَّة في العالم.

عند القدّيس غريغوريوس النّيصصيّ (On the Song of Songs 1, PG 44, 777D-780A and 4, PG 44, 836A) يأخذ المصطلح معنى الشّوق السّرّيَ للنّفس لعريسها، الّذي هو ينبوع الحياة الرّوحيَّة، للتحرّر من الارتباطات الدّنيويَّة.

يتكلَّم ثيوذوريتوس (Epistles 147, SC 111, 228) عن المصطلح كحياةٍ مستقبليَّةٍ للخلود، وعدم الفساد.

بالنّسبة إلى بسيلَّوس Psellos (Chronography 6.199, ed. E. Renauld, Michel Psellos: Chronographie, Tome II, Collection Byzantine [Paris: Les Belles Lettres, 1967] 69) فالمصطلح، هو موهبةٌ رهبانيَّة.

بالنّسبة إلى القدّيس مكاريوس (Spiritual Homilies 1.11, PG 34, 461A-461C)، وعلى نقيض ما يُتَّهم به على أنَّه من المِصلِّيين messalians، فالحياة الرّوحيَّة، هي المشاركة في الرّوح الإلهيّ، وفي الحياة الأسراريَّة الّتي عبرها تتغذَّى الرّوح، وتستمرّ.



آخر المواضيع

عظة في إنجيل الإيوثينا الحادية عشرة (يوحنا21: 14 - 25)
الفئة : مواضيع متفرقة

الميتروبوليت إيروثاوس فلاخوس 2024-04-04

عظة في إنجيل الإيوثينا العاشرة (يوحنا21: 1 - 14)
الفئة : مواضيع متفرقة

الميتروبوليت إيروثاوس فلاخوس 2024-03-29

عظة في إنجيل الإيوثينا التاسعة (يوحنا 20: 19 - 31)
الفئة : مواضيع متفرقة

الميتروبوليت إيروثاوس فلاخوس 2024-03-22

النشرات الإخبارية

اشترك الآن للحصول على كل المواد الجديدة الى بريدك الالكتروني

للإتصال بنا